أقوى دليل علمي على وجود الله

مخلص: إدعاء نشوء DNA بالصدفة بأربعة مليارات حرف (4,000,000,000) فيه وصف لكل دقائق جسمنا ومراحل حياتنا مشفر بأربعة احرف في كل خلية، بينما نرفض ذلك في كتالوج سيارة، غير منطقي. إنه دليل على الخالق المبدع.

الإلحاد أو إنكار الخالق هو حكم سطحي كسول للغاية على قضية عميقة للغاية ممتلئة بالأدلة. الإلحاد، بمعنى آخر، لا يعد حلاً، بل هو فقط مجرد اعتراف بالفشل في إيجاد حل. فالعالم من حولك وفي داخلك مليء بما لا يُحصى من براهين وجود الخالق وحكمته وتدبيره وإتقان صنعه.

في الذرة وما تحت الذرة في المجرة وما فوق المجرة في كل شيء

"وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" (الذاريات ٢١)

ويقول عز وجل:

"أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾" (الطور ٣٥-٣٦)

التأمل في خلق الله

فَيَا عَجَبًا، كَيْفَ يُعْصَى الإِلَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ؟ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ. وَلِلَّهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ وَتَسْكِينَةٍ أَبَدًا شَاهِدٌ.

لكن الإلحاد بطبيعته يحاول أن يسفسط كل البراهين وينكر أجل البديهيات، وإلا فلن تستقيم له مقولة.

مثال الكتالوج

تخيل معي: خرجت من منزلك ذات يوم صباحًا فوجدت أمام باب المنزل كتالوجًا ضخمًا فيه شرح تفصيلي لكل مكونات السيارة:

• طولها
• عرضها
• لونها
• كمية الزجاج فيها
• قوانين الاحتراق الداخلي في المحرك الخاص بها
• مقدار ضغط الهواء في الإطارات الأربعة
• مكونات صندوق التروس
• كيفية التعامل مع أي عطل يحصل
• آلية عمل المكابح ودرجة شدتها

وقبل ذلك، كيف تمت صناعة كل جزء في السيارة، صغيرًا كان أو كبيرًا. فكل هذا موجود وبأدق تفصيل في الكتالوج وزيادة.

السؤال الآن:

هل يشك عاقل في أن كاتب هذا الكتالوج بهذه التفاصيل وبهذه الدقة وبهذا الإتقان عنده علم وإرادة وقدرة وحكمة ومشيئة؟ وقبل ذلك، بالبديهة هو موجود؟ هل ينكر ذلك أحد؟ يستحيل أن يقفز لعقلك تصور آخر يفترض أن كتابة الكتالوج تمت ذاتيًا مثلًا.

الشفرة الوراثية أو كتالوج الكائنات الحية

هل تعلم أن كل كائن حي: إنسان، حيوان، نبات، حشرة، ميكروب، فيروس، إلخ. كل كائن حي يوجد بداخله كتالوج حقيقي كامل يحتوي على كل المعلومات الخاصة بهذا الكائن؟

نعم، كتالوج حقيقي مكتوب. وهو ليس مكتوبًا هكذا بحروف مجردة كما كتالوج السيارة في المثال السابق، بل الأعجب أنه مكتوب بنظام الشفرة، نعم، شفرة كاملة تحتوي على كل ما يتعلق بالكائن الحي.

فكل كائن حي قبل ظهوره يتم تشفير جميع أعضائه ووظائفه وكيفية عمل هذه الأعضاء. ولا معنى للكائن بدون هذا التشفير، وفي نفس الوقت لا معنى للتشفير بدون أن يتحول إلى كائن حي في مرحلة تالية. فهو كتالوج حقيقي عملاق مكتوب بنظام الشفرة في كل خلية من خلايا الكائن الحي.

فهرس الكتالوج البشري

والكتالوج الخاص بالإنسان تمت فيه كتابة كل مواصفاتك بنظام الشفرة:

• طولك
• لون عينيك
• وظائف أعضائك
• نوع شعرك
• كمية البروتين التي تحتاجها عضلاتك
• القوانين التي تحكم أجهزة جسدك
• سرعة النبضة الكهربائية في أعصابك
• معدلات ضخ الدم في قلبك
• معدلات إفراز الهرمونات في غددك
• ....

وكل شيء قل أو كثر، صغر أو كبر في جسدك يوجد مشفرًا في الكتالوج الخاص بك. فهناك تفصيل عجيب دقيق:

• لكل وظائفك الحيوية
• وطريقة تصنيع أعضائك
• وكيفية تصنيع كرات دمك
• وأنظمة الهضم والإخراج والأيض والتكاثر والسمع والبصر.
• وهناك فصل كامل خاص بحالات الطوارئ مثل التعرض لنزيف حاد
  • والذي يستدعي عمل جلطة تغلق مخارج الدم،
  • وانكماش شديد للطحال لضخ الدم المتخزن فيه لتعويض الفاقد،
  • ومنظومة معقدة من عدة مراحل لعمل انكماش في أوعيتك حتى لا يحدث هبوط لضغط الدم لحظة النزيف.

كل هذا مكتوب في الكتالوج وأيضًا، يوجد في الكتالوج:

• فصل كامل يتعلق بالتجهيزات اللازمة لحظة التعرض لميكروب مثلًا:
  • فالكتالوج يحتوي على طريقة تصنيع الجسم الدفاعي IgG
  • وطريقة تصنيع الجسم الدفاعي IgA، وهو الذي يسمى بالجسم الدفاعي صاحب المهام الخاصة.
• فصل كامل خاص بالتقدم في العمر:
  • يحدد متى تبدأ الشرايين التاجية في الضيق
  • والجلد في التجعد
  • والشعر في المشيب

ويصف الكتالوج بالضبط طريقة حدوث كل ذلك بمنتهى الدقة.

الكتالوج ضخم ويحتوي على كل شيء عنك وكيفية تصنيع كل تفصيلة في جسدك. كتالوج من أعجب ما يكون، يتشكل من أربعة مليارات حرف (4,000,000,000) في كل خلية من خلاياك. يسمى هذا الكتالوج بالشفرة الوراثية أو الشفرة الجينية أو الجينوم أو DNA أو الموسوعة الوراثية، ويوجد داخل نواة كل خلية من خلايا جسدك.

أمام هذا الكتالوج، يجب أن تتوقف كثيرًا وتفكر معي. فهذا الكتالوج هو محتوى معلومتي وليس محتوى مادي. فالمعلومة شيء، بينما المادة شيء آخر. المعلومة نتاج قدرة وإرادة ومشيئة وإتقان وصنعة وحكمة. المعلومة لا مكان فيها للصدفة أو العبث.
المعلومة تصدر عن علم. والأكثر دعوة للدهشة أن هذا الكتالوج المعلوماتي العملاق، كما قلنا، مشفر حيث يوجد بنظام التشفير Coding، وحين يتم فك التشفير Decode، تظهر المعلومات والخلايا والأعضاء والأجهزة والوظائف وكل شيء.

فهل يشك عاقل في أن واضع هذا الكتالوج عليم وقدير وحكيم وحي وذو مشيئة وإرادة، وقبل كل ذلك هو موجود؟

تجربة الملحد مدير مشروع الجينوم التي قادته للإيمان بالخالق

لا يخلو كائن حي من نظام تشفير. لا يخلو كائن حي من كتالوج تشفر من خلاله معلوماته ووظائفه وأعضاؤه. وهذه القضية هي التي جعلت فرانسيس كولينز، الملحد الشهير مدير مشروع الجينوم البشري، والذي قام بقراءة الجينوم البشري كاملًا لأول مرة في التاريخ، واستغرقت قراءته 13 عامًا، بدءًا من العام 1990 واكتملت المهمة في أبريل من العام 2003، هذه القضية جعلته يصاب بصدمة معرفية ويعيد تدبر هذا العالم المدهش، عالم الشفرة الوراثية أو الشفرة الجينية، ليعترف بعدها بوجود الخالق القدير العليم ويضع كتابه الشهير "لغة الإله" (The Language of God).

أول كائن حي كمثال بسيط (السيانوبكتيريا)

ولو نظرنا في عالم الكائنات الحية، فأول كائن على وجه الأرض على الإطلاق طبقًا للأبحاث العلمية هو كائن يدعى السيانوبكتيريا (البكتيريا الزرقاء Cyanobacteria). وهذا الكائن توجد معلوماته مشفرة داخل الجينوم الخاص به منذ البدء. فلا معنى للكائن أيا كان إلا بتشفير مسبق لكل المعلومات التي سيحتاجها ولكل الأعضاء التي تشكله.

الكاتالوج أو الجينوم الخاص بالإنسان، كما قلنا، يتشكل من أربعة مليارات حرف، وهذا يملأ ألف مجلد بواقع خمسمائة صفحة لكل مجلد، كلها موجودة في مساحة واحد على ألف من المليمتر، ملتف على نفسه مائة ألف لفة داخل نواة الخلية. والجينوم الذي في حجم رأس الدبوس يحمل معلومات تفوق في سعتها بليون مرة سعة فلاشة أربعة جيجا. جميع المعلومات داخل الكاتالوج مشفرة بنظام تشفير رباعي CGTA. فالقضية ليست مجرد حروف، بل هي حروف مشفرة.

الاستنتاج

لو كان لديك كاتالوج توجد فيه جميع معلومات السيارة مشفرة، هل تشك للحظة أن كاتبه لديه علم وقدرة وحكمة وإتقان؟ ومن البديهي أنه موجود. فما بالك بتشفير أربع مليارات حرف بمنتهى الضبط والدقة؟ بل والذي سيجعلك تتوقف كثيرًا هو أن شفرة كاتالوج السيارة ستظل شفرة مكتوبة على ورق، ولو وضعناها داخل غرفة ألف ألف سنة فلن تتحول أبدًا لسيارة. أما كاتالوج الكائن الحي فإنه يتحول إلى كائن من لحم ودم.

فالله هو الخالق الذي خلق هذه الشفرة، وهو البارئ الذي أخرجها من العدم، وهو المصور الذي صورها، فصار كائنًا حيًا بشكل مميز، ثلاثي الأبعاد، وأعضاء، ولحم ودم وحياة.

"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾" (الحشر ٢٤)

فهل ما زلت بعد كل هذا تجادل في الخالق المدبر الموجد القدير العليم؟

"أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى" (ابراهيم ١٠)

ويقول عز وجل:

"وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا" (الكهف ٥٤)

هذه كانت أول الرحلة. فرحلتنا ممتدة لننظر ونفكر معًا في خطوات يسيرة نحو اليقين. فتابعونا في برنامجكم "فكر معي" (على قناة الدكتور هيثم طلعت على اليوتيوب).